قلت له: أسألك بالله.. هل طريق الالتزام والتدين خاطئ، والطريق الذي أنت فيه صحيح.. أجب علي من قلبك؟
قال: من قلبي؟!
قلت: نعم.
قال: والله إني أعلم في قرارة نفسي أن طريق الالتزام هو الصحيح.. والطريق الذي أنا فيه خاطئ.
قلت: هل هناك عاقل في الدنيا يترك الطريق الصحيح.، ويسلك الطريق الخاطئ.. وهو عاقل!!
قال: لا
قلت: أجل.. أنت غير عاقل.
قال: لا، أنا عاقل.. ولكن سأخبرك لماذا لم أسلك طريق الالتزام؟!
قلت: لماذا؟
قال: هذا الطريق صحيح ولكنه صعب، والطريق الذي سلكته خاطئ ولكنه سهل.
قلت: أنا معك.. ولكن أنت تركت الطريق الصعب إلى الأسهل أم إلى الأصعب؟!
قال: إلى الأسهل.
قلت: لا.. بل تركت الصعب إلى الكارثة.. إلى المصيبة.. إلى الدمار.. إلى الهلاك في الدنيا والآخرة.
قال: كيف؟!
قلت: أليس غض البصر عما حرم الله (من أفلام وصور خليعة) صعب!!
قال: نعم.
قلت: لما تركت غض البصر.. وأطلقت لبصرك العنان للنظر إلى ما يغضب الله.. وقعت في الأصعب.
قال: وما الأصعب؟
قلت: أن يملأ الله عينيك من جمر جهنم.. فانتبه.
قلت: أيهما أسهل أن تصبر قليلا وتغض بصرك.. أو أن يملأها الله من جمر جهنم.. فسكت.
قلت: الأغنية التي تسمعها.. صون سمعك عنها صعب.. أليس كذلك؟
قال: نعم.
قلت: وإذا سمعت الأغاني وقعت في الأصعب.. ومن استمع الى مغن أو مغنية صب الله في أذنيه يوم القيامة الرصاص المذاب.. فأيهما الأصعب؟!
قال: لا والله هذه الأخيرة هي الأصعب.
قلت: قيامك لصلاة الفجر صعب.
قال: نعم.
قلت: هذه الأصعب أو أن يرضخ رأسك بالصخرة في النار.
قال: بل الأصعب أن يرضخ رأسي بالصخرة في النار.
قلت: إذن تركت الطريق الصعب إلى ما هو أصعب... طريق الالتزام صعب، ولكنه يوصل إلى الجنة.. فأنت عندما تذهب إلى المدرسة ثنتا عشرة سنة.. ثم تمر بالمرحلة الجامعية.. فيبدأ العام الدراسي وما فيه.. استيقاظ مبكر.. واجبات.. امتحانات.. هموم.. قلق.. مشاكل.. أليس فيه صعوبة؟!
قال: نعم.
قلت: لماذا يصبر الناس على صعوبة الدراسة؟
قال: من اجل تامين المستقبل.
قلت: إذا لماذا نصبر على صعوبة الالتزام.. هل من اجل تامين مستقبل ستين سنة.. وظيفة.. بيت.. وبعدها قبر؟!
لا.. لا.. بل تامين مستقبل أبدي.. سرمدي.. في جنة عرضها السماوات والأرض.. نحن نؤمن مستقبلنا في الدنيا والآخرة بهذا الالتزام..
قلت له: أخي الحبيب.. هل علمت أن المصيبة أن تترك طريق الالتزام وتسلك الطريق الآخر. وتسير معجبا.. مخدوعا بما فيه من اللذات والمتع البسيطة.. ثم تقف في النهاية عند جدار الموت.. وتسمع (حتى إذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت) لكن هي فرصة واحدة.
تذكر ذلك.. تذكر فاني سأحاجك بها يوم القيامة.. قال - تعالى - كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)
قلت: إن الالتزام صعب.. ولكنه هو الحياة.. هو السعادة.. هو هدوء النفس وجنة الصدر.. قال - تعالى -: (يا أيها الذين آ'منوا استجيبوا لله وللرسول).
أيها العاقل الرشيد.. حتى متى الانغماس في الملذات والغفلة عن النهاية؟! أما ترجع إلى ربك.. أمعك منه ميثاق ألا يتوفاك حتى تتوب.. أسألك بالذي خلقك.. هل وجد أهل المعاصي راحتهم في معاصيهم؟!
لا..والذي خلق النوى وبنى السماء بغير عمد.. إنما هم في غم وهم.. يقول أحدهم:
أظهر الانشراح للناس ***** حتى يتمنوا أنهم في ثيابي
لو دروا أني شقي حزين ***** ضاق في عيني فسيح الرحاب
وحتى تبدأ في طريق الالتزام اصدق مع الله..
وحتى تستمر في هذا الطريق اصدق مع الله..
وحتى تصل إلى طريق الجنة اصدق مع الله..
يا متطلعا لمحبة الله - عز وجل -.. إنها موجودة في محبة الصالحين..
في الحديث القدسي (حقت محبتي للمتحابين فيه) فإنها زينة لك في السراء.. وعدة لك في الضراء.. يوم يتفرق الأهل والأصدقاء إلا أهل الصلاح والتقوى (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)