جواب : فيما يلي نذكر بعض المعلومات الخاطفة حول النبي محمد رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) :
إسمه و نسبه : محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، قال رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) إذا بلغ نسبي إلى عدنان فأمسكوا .
أشهر ألقابه : الأحمد ، الأمين ، المصطفى ، السراج المنير ، البشير النذير .
كنيته : أبو القاسم .
أبوه : عبد الله ، و قد مات و النبي حمل في بطن أمه ، و قيل : مات و له من العمر سنتان و أربعة أشهر .
أمّه : آمنة بنت وهب بن عبد مناف ، و قد ماتت و عمره ثمان سنوات .
ولادته : يوم الجمعة ، السابع عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل ، و بعد (55 ) يوما من هلاك أصحاب الفيل ( عام 570 أو 571 ميلادي ) ، و في أيام سلطنة انو شيروان ملك الفرس .
محل ولادته : مكة المكرمة .
مدة عمره : 62 سنة و 11 شهرا و 11 يوما .
بعثته : بُعث نبيّاً في سنّ الأربعين ، أي في 27 شهر رجب عام ( 610 ) ميلادية .
مدة نبوته : 22 سنة و 7 اشهر و 3 أيام ، قضى 13 سنة منها في مكة المكرمة و 9 سنوات و أشهر في المدينة المنورة .
هجرته : خرج من مكة المكرمة مهاجراً إلى المدينة المنورة في الليلة الأولى من شهر ربيع الأول و دخل المدينة المنورة في 12 من الشهر نفسه .
نقش خاتمه : محمّد رسول الله .
زوجاته : خديجة بنت خويلد ، سُودة بنت زمعة ، عائشة بنت أبي بكر ، حفصة بنت عمر ، زينب بنت خزيمة ، أم سلمة بنت أبو أمية المخزومي ، جويرية بنت الحارث ، أم حبيبة بنت أبي سفيان ، صفية بنت حي بن أخطب ، ميمونة بنت الحارث ، زينب بنت جحش ، خولة بنت حكيم .
وفاته : يوم الاثنين 28 من شهر صفر سنة 11 بعد الهجرة .
سبب الوفاة : سم المرأة اليهودية ، فقد مرض النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) على أثر ذلك السم القاتل و توفي في هذا المرض [1] .
مدفنه الشريف : في بيته في المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة .
سؤال : ما المقصود من الضَلال المنسوب إلى الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) في الآية التالية : { و وجدك ضالاً فهدى } ؟
جواب : رغم وجود الاختلاف بين العلماء و المفسرين في معنى هذه الآية المباركة ، و بالرغم من وجود آراء و وجهات نظر عديدة بالنسبة لمعنى الضلال المذكور في الآية ، إلا أنه من الواضح جداً أن المراد من الضلال في الآية ليس هو الضلال بمعنى الكفر أو الانحراف عن الدين ، ذلك لأن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) معصوم و مُنَزَّهٌ عن كل أنواع الخطأ و الزلل .
لكن لكي يتبين لنا المراد من قول الله عَزَّ و جَلَّ : { وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى } [1] فلابد لنا من مراجعة أقوال المفسرين حتى نقف على المقصود من الضلال المذكور في الآية .
الأقوال في معنى الضلال :
فيما يلي نستعرض أهم الأقوال المذكورة في معنى هذه الآية :
1. المراد من الضلال هو خمول ذكر النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) بين الناس و بين قومه قبل النبوة ، فيكون معنى الآية أن الله عَزَّ و جَلَّ هو الذي رفع ذِكر النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) بين الناس بالرسالة و النبوة .
2. المراد من الضَلال هو أنه لولا هداية الله عَزَّ و جَلَّ النبيَ ( صلَّى الله عليه و آله ) إلى الحق و الصراط القويم لما اهتدى إلى ذلك .
3. إن معنى " ضالاً " مضلولاً عنه ( صلَّى الله عليه و آله ) بين الناس فلولا هداية الله لهم ، لما اهتدى الناس إليه .
و يؤيد هذا القول ما جاء في عيون الأخبار عن الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) أنه قال للمأمون : " ... و قد قال الله عَزَّ و جَلَّ لنبيه محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) : { وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى } يعنى عند قومك ، فـ " هدى " أي هداهم إلى معرفتك ... " [2] .
4. إن المراد هو أن الله عَزَّ و جَلَّ قد هداك إلى الطريق بعد أن ضللت الطريق بين مكة و المدينة عند هجرتك إليها .
5. إن المراد هو أن الله عَزَّ و جَلَّ وجدك بين أناس ضالين فاستنقذك من بينهم [3] .
قال العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) :
" قال تعالى : { وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى } [4] المراد بالضلال عدم الهداية ، و المراد بكونه ( صلى الله عليه و آله و سلَّم ) ضالا حاله في نفسه مع قطع النظر عن هدايته تعالى فلا هدى له ( صلى الله عليه و آله و سلَّم ) و لا لأحد من الخلق إلا بالله سبحانه فقد كانت نفسه في نفسها ضالة و إن كانت الهداية الإلهية ملازمة لها منذ وجدت فالآية في معنى قوله تعالى : { ... مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ... } [5] ، و من هذا الباب قول موسى على ما حكى الله عنه : { ... فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ } [6] ، أي لم أهتد بهدى الرسالة بعد .
و يقرب منه ما قيل : إن المراد بالضلال الذهاب من العلم كما في قوله : { ... أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى ... } [7] ، و يؤيده قوله : { ... وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ } [8] .
و قيل المعنى وجدك ضالا بين الناس لا يعرفون حقك فهداهم إليك و دلهم عليك .
و قيل : إنه إشارة إلى ضلاله في طريق مكة حينما كانت تجئ به حليمة بنت أبي ذؤيب من البدو إلى جده عبد المطلب على ما روي .
و قيل : إشارة إلى ما روي من ضلاله في شعاب مكة صغيرا .
و قيل : إشارة إلى ما روي من ضلاله في مسيره إلى الشام مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة .
و قيل : غير ذلك و هي وجوه ضعيفة ظاهرة الضعف [9] .
و قال السيد المرتضى ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) : " فإن قيل فما معنى قوله تعالى : { وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى } أو ليس هذا يقتضي إطلاقه الضلال عن الدين ؟ و ذلك مما لا يجوز عندكم قبل النبوة و لا بعدها ؟
الجواب : قلنا في معنى هذه الآية أجوبة :
أولها : انه أراد : وجدك ضالا عن النبوة فهداك إليها ، أو عن شريعة الإسلام التي نزلت عليه و أمر بتبليغها إلى الخلق ، و بإرشاده ( صلَّى الله عليه و آله ) إلى ما ذكرناه اعظم النعم عليه ، و الكلام في الآية خارج مخرج الامتنان و التذكير بالنعم ، و ليس لأحد أن يقول إن الظاهر بخلاف ذلك ، لأنه لابد في الظاهر من تقدير محذوف يتعلق به الضلال ، لان الضلال هو الذهاب و الانصراف فلا بد من أمر يكون منصرفا عنه ، فمن ذهب إلى انه أراد الذهاب عن الدين فلا بد له من أن يقدر هذه اللفظة ثم يحذفها ليتعلق بها لفظ الضلال ، و ليس هو بذلك أولى منا فيما قدرناه و حذفناه .
و ثانيها : أن يكون أراد الضلال عن المعيشة و طريق الكسب ، يقال للرجل الذي لا يهتدي طريق معيشته و وجه مكسبه : هو ضال لا يدري ما يصنع و لا أين يذهب ، فامتن الله تعالى عليه بأن رزقه و أغناه و كفاه .
و ثالثها : أن يكون أراد و وجدك ضالا بين مكة و المدينة عند الهجرة فهداك و سلمك من أعدائك ، و هذا الوجه قريب لولا أن السورة مكية و هي متقدمة للهجرة إلى المدينة ، اللهم إلا أن يحمل قوله تعالى " و وجدك " على انه سيجدك على مذهب العرب في حمل الماضي على معنى المستقبل فيكون له وجه .
و رابعها : أن يكون أراد بقوله " و وجدك ضالا فهدى " أي مضلولا عنه في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك و أرشدهم إلى فضلك ، و هذا له نظير في الاستعمال ، يقال : فلان ضال في قومه و بين أهله إذا كان مضلولا عنه .
و خامسها : أنه روي في قراءة هذه الآية الرفع " ألم يجدك يتيمٌ فآوى و وجدك ضالٌ فهدى " على أن اليتيم وَجَدَهُ و كذلك الضالُ ، و هذا الوجه ضعيف لان القراءة غير معروفة ، و لان هذا الكلام يسمج و يفسد اكثر معانيه تنزيه سيدنا محمد ( عليه السَّلام ) عن مدح آلهة قريش [10] .
خلاصة القول :
نعم خلاصة القول هو ما أشار إليه العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي حيث قال في قول الله تعالى { وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى } : " لا يدل على وجود ضلالة فعلية و لا على وجود جهل فعلي قبل النبوة .
بل غاية ما يدل عليه هو أنه ( ( صلى الله عليه و آله و سلَّم ) ) لولا هداية الله له لكان ضالا و لولا تعليم الله له لكان جاهلا .
أي لو أن الله أو كله إلى نفسه ، فإنه بما له من قدرات ذاتية و بغضِّ النظر عن الألطاف الإلهية ، و العنايات الربانية ضال قطعا ، و جاهل بلا ريب ، فهو من قبيل قولك : ما أنا في نفسي بفوق أن أخطئ لولا لطف الله و عصمته و توفيقه ، لكن بعد أن كان لطف الله حاصلا من أول الأمر فإن العصمة تكون حاصلة بالضرورة من أول الأمر أيضا [11] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة الضحى ( 93 ) ، الآية : 7 .
[2] الشيخ الحويزي ، تفسير نور الثقلين : 5 / 596 .
[3] للتَّعَرُف على الأقوال المختلفة في معنى الضلال المذكور في الآية يراجع : تفسير الميزان : 20 / 310 ، للمُفسِّر الكبير العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) ، و التبيان في تفسير القرآن : 10 / 369 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) ، و تفسير القمي : 2 / 427 ، لعلي بن ابراهيم القمي ( رحمه الله ) .
[4] سورة الضحى ( 93 ) ، الآية : 7 .
[5] سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 52 .
[6] سورة الشعراء ( 26 ) ، الآية : 20 .
[7] سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 282 .
[8] سورة يوسف ( 12 ) ، الآية : 3 .
[9] تفسير الميزان : 20 / 310 ، للمُفسِّر الكبير العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) .
[10]يراجع : تنزيه الانبياء : 150 ، للسيد المرتضى ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) ، و عصمة الانبياء : 92 ، لفخر الدين
سؤال : هل كان للنبي محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) ابناً يسمى زيد ؟
جواب : أبناء الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) كما ذكرهم المؤرخون هم : قاسم و طيب و طاهر و إبراهيم ، و قد توفوا جميعا قبل البلوغ .
أما زيد الذي كان يدعى أيضا بزيد بن محمد فهو زيد بن حارثه و ليس من أبناء الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) بل كان غلاما اشترته خديجه بعد زواجها من النبي ثم أهدته إليه فأعتقه الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) في سبيل الله ، ثم تبنّاه النبي تبنياً اعتباريا لرفع مكانته الاجتماعية بعدما قابله قومه بالهجران و الطرد ، و هكذا فقد منحه الرسول احتراما كبيرا و شرفا عظيما و رفع من شأنه بين الناس و صار يُدعى بين الناس بابن محمد .
ثم إن تبني النبي لزيد لم يكن من قبيل التبني الذي كان متداولا في الجاهلية بين العرب حيث كانوا يتبنون من يعجبهم دون أن يكون بينهم نسب و كانوا يمنحون المتبنّى كافة حقوق الابن الحقيقي و يعاملونه معاملة الابن النَسَبي ، بل كان تبنّيه ( صلى الله عليه وآله ) ـ كما أسلفنا ـ تبنّيا اعتباريا من أجل رفع معنويات زيد و تعديل مكانته الاجتماعية بهدف تربوي بالنسبة له و للمجتمع آنذاك ، يقول القرآن الكريم مشيرا إلى هذا الموضوع و إلى أن الإسلام قد نسخ التبني على النسق الجاهلي : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكان اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } [1] .
و ما أن بُعث النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) و أظهر دعوته حتى أسلم زيد و حَسُن إسلامه و حظي بمرتبة عظيمة بين المسلمين و صار قائدا من قواد الجيش الإسلامي في غزوة " مؤته " [2] واستشهد بها .
سؤال : ما هي حقيقة زواج رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) من زوجة زيد بن حارثة ؟
جواب : زينب بنت جحش هي إحدى زوجات النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) و قد تزوج بها الرسول في السنة الخامسة من الهجرة ، و هي بنت أمية بنت عبد المطلب عمة النبي و كانت زوجة لزيد بن حارثة قبل أن تصبح زوجة لرسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) .
أما زيد بن حارثة ـ زوج زينب قبل الرسول ـ فكان يُدعى قبل الإسلام بزيد بن محمد لكنه لم يكن من أولاد الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) ، بل كان غلاما اشترته خديجه بعد زواجها من النبي ثم أهدته إلى النبي فأعتقه الرسول في سبيل الله ، ثم تبنّاه النبي تبنياً اعتباريا على عادة العرب لرفع مكانته الاجتماعية بعدما عامله والده و قومه بالهجران و الطرد ، و هكذا فقد منحه الرسول احتراما كبيرا و شرفا عظيما و رفع من شأنه بين الناس حتى صار يُدعى بين الناس بابن محمد .
و عندما أحس النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) بحاجة زيد إلى الزواج أمره بخطبة بنت عمته زينب لزيد ، لكن زينب رفضت ذلك تبعا للتقاليد السائدة في تلك الأيام و لاستنكاف الحرة من الزواج من العبد المعتق ، خاصة و إن زينب كانت من عائلة ذات حسب و شأن ، فنزلت الآية الكريمة التالية : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } [1] ، فأخبرت زينب النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) بقبولها بهذا الزواج ، و هكذا فقد تم الزواج برضا زينب ، نزولا عند رغبة الرسول و خضوعا لحكم الله تعالى .
و المهم في هذا الزواج هو أن الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) أراد و بأمر من الله كسر العادات و التقاليد الخاطئة و التي كانت تمنع زواج العبيد المعتقين من بنات العوائل المعروفة ، و بالفعل فقد تحقق للنبي العظيم ما أراد و تمكن من تطبيق المساواة بصورة عملية بين أفراد المجتمع الإسلامي .
طلاق زينب :
بعد ذلك تأثرت العلاقة الزوجية بين الزوجين ـ زينب و زيد ـ و آل أمرهما إلى الطلاق و الانفصال رغم المحاولات الحثيثة التي قام بها النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) لمنع وقوع الطلاق ، و لم تؤثر نصائح النبي في زيد و لم يفلح في تغيير قرار زيد الخاطئ فوقع الطلاق .
زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) من زينب :
و بعد أن مضى على طلاق زينب فترة قرر النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) أن يتزوج ابنة عمته زينب تعويضا لما حصل لها ، غير أن النبي كان يخشى العادات و التقاليد التي تُحرم زواج الرجل من زوجة ابنه من التبني لاعتباره أبناً حقيقيا ، و إلى هذه الحقيقة يُشير القرآن الكريم حيث يقول : { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ... } [2] .
و لا بُدَّ من الإشارة هنا إلى إن زواج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) من زينب إنما كان بأمر من الله تعالى ، كما تشهد بذلك تتمة الآية السابقة حيث تقول : { ... فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا * مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا } [3] .
هذا و إن زينب كانت متفهمة لنية الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) و لما حباها الله تعالى من الشرف العظيم إذ جعل لها دورا في إزالة عادتين خرافيتين و نالت شرف الزواج من الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) فكانت زينب تفتخر على سائر نساء النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) و تقول : زوَجَكن أهلُوكن و زوجني الله من السماء [4] .
إذن يمكن تلخيص أهداف زواج الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) من زينب كالتالي :
1. تعديل ما حصل لابنة عمته و تضررها بالطلاق و قد رضيت بالزواج من زيد بأمر من الله و رسوله ، فأراد الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) أن يكرمها و يعوضها عن ما حصل لها .
2. كسر العادات و التقاليد الخاطئة التي تمنع الزواج من زوجة الابن من التبنّي ، رغم كونه أبنا اعتباريا لا غير .
ثم انه لا يخفى أن من مهام الأنبياء هو إزالة العادات الخاطئة و السنن الظالمة و هذا ما فعله النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) كما كان يفعل ذلك جميع الأنبياء من قبل في قضايا مشابه مع ما في مكافحة الخرافات من تخوف جدي و إحراج شديد ذلك لان ذلك يعد محاربة للتقاليد و السنن و الاعتقادات الراسخة و المتجذرة في عقولهم ، لكن مهمة الأنبياء لا تقبل التعلل و الخوف و المجاملة ، فهم يحملون على عواتقهم رسالة سماوية حمّلهم إياها رب العالمين ، و إلى هذه الحقيقة تشير الآية الكريمة : { مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا } [5] .
نوايا خبيثة :
هناك و للأسف أساطير و قصص مختلَقة افتعلها أعداء الدين الإسلامي في هذا الصعيد ، حيث انهم حَوَّروا موضوع زواج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) من زينب مطلقة زيد بن حارثة و ذكروها كقصة غرامية و كذبوا على نبينا العظيم بغية الحط من قدسيته و مكانته السامية ، و قد عرفت بطلانها من خلال معرفة حقيقة الأمر من الآيات القرآنية الصريحة .
و كان السبب في ذلك أن بعض المؤرخين و مع الأسف ذكروا أمورا تتنافى مع مقام النبي محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) مما ساعد الأعداء على النيل من كرامة الرسول المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) ، لكن الآلوسي و الفخر الرازي كذّبا ما نقله أولئك المؤرخون و تصديا لهم و أثبتا بأن تلك المنقولات ليست إلا أكاذيب واضحة و أخبار مدسوسة لا أساس لها من الصحة و الواقع [6] .
كما أن العلماء من الأزهر انتقدوا ابن الأثير بشدة على نقله لهذه القصة برواية محرفة و مشينة في تاريخه " الكامل " في إحدى الطبعات الأخيرة لهذا الكتاب ، فراجع .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 36 .
[2] سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 37 .
[3] سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 37 و 38 .
[4] الكامل في التاريخ : 2 / 177.
[5] سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 38 .
سؤال : ما هي الحكمة في تعدد زوجات النبي محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) ؟
جواب : بيانُ حكمة تعدد زوجات نبينا محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) و الدوافع التي دعته إلى تكثير زوجاته ( صلَّى الله عليه و آله ) بحاجة إلى دراسة موضوعية تحليلية عميقة و دقيقة حتى يتمكن الباحث من خلالها التعرف على الأسباب الحقيقية لتعدد زوجاته ( صلَّى الله عليه و آله ) ، الأمر الذي حاول من خلاله بعض المغرضين و الحاقدين على الإسلام أن يسجل على النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) ملاحظة غير واقعية محاولاً إثبات وجود رغبة جنسية جامحة لدى رسول الله كانت وراء تعدد زوجاته ( صلَّى الله عليه و آله ) .
لكن الباحث الذي يدرس هذا الأمر بعمق و وعي سرعان ما يتضح له زيف هذا الادعاء وبطلان هذا التصور الخاطئ .
و مع أن دراسة هذا الموضوع بحاجة ـ كما قلنا ـ إلى بحث عميق و مفصل ، لكننا نحاول تسليط الضوء على النقاط الهامة و الرئيسية التي تمكن الباحث من الوصول إلى النتائج الصحيحة و الحقيقية ، أما النقاط فهي :
الاتهام الباطل :
قد يحلو لبعض المغرضين و الحاقدين : بأن يتهم الرسول الأعظم ( صلَّى الله عليه و آله ) بأنه إنما تزوج عدة نساءٍ استجابة لرغبة جنسية جامحة ، كان يعاني منها .
و لكننا ، إذا درسنا هذه الناحية بعمقٍ ووعي ، فإننا نخرج بنتيجة حاسمة تعطينا : أن هذا الكلام محض خيال زائف ، ليس له منطق يساعده ، و لا دليل يتعمد عليه ، و ذلك بملاحظة ما يلي :
1. إن حب الرجل للمرأة ، و إن كان أمراً طبيعياً ، و لقد كان النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) رجلاً إنساناً ، فطبيعي أن يميل إلى المرأة ، و يشعر بالمتعة معها ، و لكن أول ما يطالعنا في هذا المجال في حياته ( صلَّى الله عليه و آله ) ، هو أننا نلاحظ : أن أكثر زوجاته ( صلَّى الله عليه و آله ) كنّ ثيِّبات : إما مطلقات ، أو ترمّلن من أزواجهن قبله ( صلَّى الله عليه و آله ) .
فلو كان ( صلَّى الله عليه و آله ) يهتم بأمور الجنس ، لكان باستطاعته أن يتزوج خيرة الفتيات الأبكار ، و لوجد أولياءهن يفتخرون بمصاهرته لهم ، و هو الذي حثّ و حبَّذ و أثنى على الزواج بالأبكار ، و رغّب فيه بشكل واضح و ملموس .
2. إنه ( صلَّى الله عليه و آله ) و هو في مكة بقي 25 سنة مع زوجته خديجة ، المرأة الوفية ، التي كانت تكبره سناً ، كما يقولون ، و لم يتزوج عليها في حياتها أحداً ، مع أن تعدد الزوجات كان مألوفاً لدى الناس آنئذٍ .
3. إننا نجده يرفض عرض قريش عليه التزويج بأي النساء شاء ، في مقابل أن يلين في موقفه ، و يخفف من مواجهته لآلهتهم و عقائدهم .
4. إن زوجاته ( صلَّى الله عليه و آله ) كنّ على كثرتهنّ من قبائل شتى ، لا تكاد تجد منهم اثنتين من قبيلة واحدة ، إلا من اللواتي لم يدخل بهن .
5. إن جميع زوجاته باستثناء خديجة ، إنما دخلن بيت الزوجية عنده حينما كان في المدينة المنورة ، أي بعد تجاوزه سنّ الخمسين ، و بعضهن تزوجهن ( صلَّى الله عليه و آله ) قبل وفاته بمدة قليلة .
6. إن هذا التعدد لم يشغل النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) عن واجباته ، و لا أخرجه عن اتزانه ، و لا طغى على وقته ونشاطه ، و تاريخ حياته ( صلَّى الله عليه و آله ) يشهد : بأنه ( صلَّى الله عليه و آله ) لم يكن يهتم بهذه الأمور ، بل كان مثال العفاف و الطهر البالغ ، و لم يلوث نفسه بأيٍ عمل قبيح مما كانت الجاهلية تبيحه ، و تشيع في مجتمعه ممارسته ، و لم يستطع أحد من أعدائه أن يصمه بشيء من ذلك .
7. أنه ( صلَّى الله عليه و آله ) قد خير زوجاته بين الرضا بحياة التقشف معه ، و بين الطلاق والفراق ، فلو كان زواجه بهن بسبب طغيان الغريزة الجنسية لديه ، لكان يجب أن يحتفظ بهن في جميع الأحوال ، و لا يفرط بهن لمجرد حبّه لحياة التقشف و الزهد .
فهل استيقظ فيه ( صلَّى الله عليه و آله ) الشعور الجنسي في المدينة بالذات وبعد شيخوخته ، و في أواخر عمره ؟!
و هل استيقظ هذه الشعور على خصوص النساء اللواتي ترملن ؟ أو طلقهن أزواجهن ؟!
أو هل أراد حقاً أن يتذوق نساء القبائل المختلفة في الجزيرة العربية ؟!
و لماذا اختص ذلك بالعربية دون غيرها ؟!
الدوافع الحقيقية :
و بعد ما تقدم ، فإننا إذ نجيب على التساؤل حول السبب في كل ذلك ، و دوافعه ، وآثاره ، نقول :
إن زواجه ( صلَّى الله عليه و آله ) المتعدد هذا ، قد كان لدوافع سياسية ، و أحكامية ، و إنسانية ، و إنطلاقاً من مصلحة الإسلام العليا .
و توضيح ذلك قدر الإمكان يكون في ضمن النقاط التالية :
1. إن بعض موارد ذلك الزواج كانت دوافعه إنسانية بحتة ، لكون تلك المرأة قد أسلمت وهاجرت ، ثم توفي أو قتل عنها زوجها ، و لا سبيل لها إلى الرجوع إلى أهلها المشركين ، لأنها لا تستطيع أن تقاوم ضغوطهم النفسية و المادية عليها .
هذا إن لم تتعرض للتعذيب الجسدي الوحشي ، فيما لو أرادت أن تحتفظ بدينها و عقيدتها فيما بينهم ، و لم يكن معيل و لا كفيل لها في هذا المجتمع الجديد ، كما كان الحال بالنسبة لسودة بنت زمعة التي كانت مسنّة ، و يزيد عمرها على الخمسين عاماً ، و كذا الحال بالنسبة لزينب بنت خزيمة .
هذا بالإضافة إلى أن تأيمها سيطلق الألسنة و الأهواء في حقها و في اتهامها ، و يجعلها تتعرض لضغوط ، و حتى إلى إغراءات ، ربما لا تناسبها و لا تناسب موقعها و مصيرها في هذا المجتمع الغريب عنها ، هذا إن لم يؤدّ ذلك إلى أزمات نفسية ، و حتى قبلية لا مبرر لها .
فخير كافل ، و خير معين ، و حافظ و ولي لها ، هو النبي الأكرم ( صلَّى الله عليه و آله ) ، إلا إذا وفق الله وتزوجها بعض خيار أصحابه ( صلَّى الله عليه و آله ) ، حين يكون ثمة من يقدم على ذلك .
2. إن زواجه ( صلَّى الله عليه و آله ) بجويرية كان لمصلحة دينية ، حيث قد نشأ عنه : ـ كما يقولون ـ أن يُطْلِقَ المسلمون مئة من أهل بيتها ، و عند دحلان مئتين من الأسرى من قبيلتها ، فأسلم من قومها خلق كثير ، على حد تعبير المؤلفين في السيرة النبوية [1] .
و لهذا وصفت بأنها كانت أكثر نسائه بركة ـ ما عدا خديجة ـ .
فهذا نوع من التأليف للناس على الإسلام ، و الترغيب فيه ، كما كان ( صلَّى الله عليه و آله ) يتألفهم بطرق أخرى كبذل المال لهم ، و تزويجهم ، و توليتهم بعض الأمور ، و غير ذلك .
بل نجد عمرو بن العاص يذكر لنا نوعاً من التأليف للقلوب لم يكن يخطر على بالنا ، يقول عمرو : " كان رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) يقبل بوجهه و حديثه عليّ ، حتى ظننت أني خير القوم ... " .
ثم ذكر أنه سأل النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) عن نفسه ، و فلان ، و فلان ، فأخبره : أنهم أفضل منه ، فيقول عمرو : " فلوددت أني لم أكن سألته " [2] .
3. إن زواجه بزينب بنت جحش كان لضرورة إقتضاها التشريع ، حيث إنه ( صلَّى الله عليه و آله ) كان قد تبنى زوجها زيد بن حارثة ، و كان العرب يعتقدون : أن آثار التبني هي نفس آثار البنوّة الحقيقية ، فيحلّ للمتبني ما يحلّ من ولده الحقيقي و يحرم عليه ما يحرم عليه منه ، و يرث ، و يعامل ـ تماماً ـ كالابن الحقيقي بلا فرق .
و لم يكن مجال لإقتلاع هذا المفهوم الخاطئ إلا بالإقدام على عمل أساسي لا مجال للريب ، و لا للتأويل فيه .
فكان زواج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) من زوجة ابنه بالتبني بعد أن طلقها زيد هو الوسيلة الفضلى لقلع هذا المفهوم الخاطئ من أذهانهم ، و هكذا كان .
4. لقد جاء الرسول الأعظم ( صلَّى الله عليه و آله ) لهداية الناس و إرشادهم ، و لا بُدَّ لهم من الإيمان به ، و التسليم لأمره و نهيه . بل لا بُدَّ أن تكون له مكانة و محبة في نفوسهم تزيد على محبتهم لكل شيء آخر ، حتى المال ، و الولد ، و النفس ، بنص القرآن الكريم : { قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } [3] .
و لكن ، و بعد أن اضطر ( صلَّى الله عليه و آله ) إلى مواجهتهم بالحرب ، و قهرهم ، و تمكّن من السيطرة عليهم ، صار بين كثير من القبائل التي كان عدد من زوجاته ( صلَّى الله عليه و آله ) ينتمي إليها ، و بين المسلمين ، و النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) على رأسهم ، حروب و قتلى ، و كان لقضية الثأر و الدم عند العربي أهمية خاصة ، كما ألمحنا إليه من قبل .
نعم بعد ذلك كله ، مسّت الحاجة إلى إتباع أساليب كثيرة من أجل تأليفهم ، و إيجاد علاقات من نوع معين ، تفرض عليهم ، أو على الأقل على الكثيرين منهم ـ و النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) يهمه حتى الفرد الواحد ـ : أن يرتبطوا به ، و يتعاملوا معه تعاملاً واضحاً ، و من موقع الثقة المتبادلة ، و يقطع الطريق عليهم في أن موقف سلبي منه ، و من دعوته .
و بعد أن يتمكن من شحنهم روحياً و عقائدياً ، يكون قد مهد الطريق للقضاء على الأحقاد و الإحن ، ليمكن ـ من خلال ذلك ـ العمل يداً واحدة من أجل هدف واحد ، و في سبيل واحد .
و لهذا نجده ( صلَّى الله عليه و آله ) يتحمل من بعض تلك النسوة أذى كثيراً ، و يواجه صعوبات جمة معها ، و لكنه لا يبادر إلى قطع العلاقة معها نهائياً ، لأنه يتعامل مع زوجاته من موقعه السياسي الحرج ، لا من جوّ بيت الزوجية [4] .
5. و كشاهد على ما تقدم نذكر : أن زواجه ( صلَّى الله عليه و آله ) بحفصة مثلاً كان ـ على ما يظهر ـ زواجاً سياسياً ، و يمكن أن يتضح ذلك من كلام أبيها عمر لها ، حين طلقها النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) ، و أراد طلاقها مرة ثانية ، حينما تظاهرت هي و عائشة عليه ( صلَّى الله عليه و آله ) ، و اعتزلهما ، فقد قال عمر لابنته : " و الله ، لقد علمتُ : أن رسول الله لا يحبك ، و لولا أنا لطلقك رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) " [5] .
كما و يرى البعض : أنه ( صلَّى الله عليه و آله ) أراد أن يساوي بين أبي بكر و عمر من جهة المصاهرة لكل منهما [6] .
و معنى كلامه هذا هو أن الدافع للزواج بحفصة كان سياسياً ، و ليس هو الرغبة الجنسية الجامحة ، كما يدَّعون .
و كذا الحال بالنسبة لزواجه بعائشة ، حيث تزوجها من أجل الاحتفاظ بولاء أبيها و أبنائه إلى جانبه .
و حينما طلّق رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) حفصة في المرة الأولى ، حثى عمر على رأسه التراب ، و قال ما يعبأ الله بعمر ، و ابنته بعدها ، فراجعها النبي ، رحمة لعمر [7] .
فهذا الموقف الشديد لعمر من طلاق ابنته ، جعل النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) يضطّر إلى مراجعتها من جديد ! !
و قد ذكّرها عمر بهذا الأمر حينما أراد ( صلَّى الله عليه و آله ) طلاقها في المرة الثانية فقال : " إنه قد كان طلّقك مرة ، ثم راجعك من أجلي " أو قال : إن النبي طلقك و راجعك من أجلي ، أو نحو ذلك [8] .
و بعد ما تقدم يتضح : أنه لا يصح قولهم : إنه ( صلَّى الله عليه و آله ) إنما راجعها ، لأن جبرئيل أمره بمراجعتها ، لأنها صوامة قوامة [9] .
خصوصاً و أن الصوامة القوامة لا تجعل النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) يضطر إلى طلاقها مرتين ، ثم يراجعها من أجل أبيها .
كذبة مفضوحة :
و من الكذب الواضح هنا : ما روي أنه لما طلقها النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) اغتم الناس ، و دخل عليها خالها عثمان بن مظعون ، و أخوه قدامة ، فبينما هو عندها ، و هم مغتمون ، إذ دخل النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) على حفصة ، و قال : يا حفصة ، أتاني جبريل ( عليه السَّلام ) آنفاً ، فقال : إن الله يقرؤك السلام ، و يقول لك : راجع حفصة ، فإنها صوامة قوامة ، و هي زوجتك في الجنة .
و ثمة نص قريب من هذا ، و رجاله رجال الصحيح [10] كما يدّعون .
و هذا من الكذب الواضح ، فإن عثمان بن مظعون قد توفي قبل زواج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) بها بمدّة ، و قضية الطلاق إنما حصلت في قضية لها مع مارية التي قدمت إلى المدينة سنة سبع ، أو ثمان .
و قد قلنا إن الصوامة القوامة لا يعهد منها أن تؤذي النبي إلى حد يضطر معه إلى طلاقها مرتين .
و التي تؤذي النبي لا يعقل أن تكون معه في الجنة ، و الله تعالى يقول : { وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [11] .
و قال عزَّ و جلَّ : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا } [12] .
و بعد هذا ، فلا يمكن أن نصدق : أن يأتي جبرئيل فيأمره بمراجعة من هذه حالها ، ثم يحكم ـ علاوة على ذلك ـ لها بالجنة [13] .
هل الزواج السياسي احتقار للمرأة ؟
ربما يقال : إن الزواج السياسي من قبل النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) ، أو من قبل الإمام الحسن ( عليه السَّلام ) من جعدة بنت الأشعث ، إهانة للمرأة ، و تحقير لها ، و امتهان لكرامتها كإنسان .
و الجواب :
أولاً : إن النساء يختلفن من حيث الكرامة و القيمة بإختلاف حالاتهن ، و بمقدار إلتزامهن بخط الإسلام و الأحكام ، ففاطمة و مريم ، ( عليهما السَّلام ) و إمرأة فرعون وخديجة ، و أم سلمة " رحمهن الله " ، لسن مثل إمرأة نوح و إمرأة لوط ، فالمرأة التي ترضى لنفسها أن تكون في موقع الإهانة لا تكون إهانتها إهانة للجنس .
و ثانياً : إنه إذا كان الزواج بامرأة ما سبباً لهداية جماعة من الناس ، أو دفع ضرر عن الإسلام ، أو عن المسلمين ، فإنه يكون تكريماً للمرأة ، و تشريفاً لها ، لا سيما إذا كان ذلك من نبي أو وصي .
فاعتبار ذلك إهانة للمرأة ليس له ما يبرره [14] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سيرة المصطفى / 467 .
[2] مجمع الزوائد : 9 / 15 ، عن الطبري بأسناد حسن ، و في الصحيح بعضه بغير سياقه ، و حياة الصحابة : 2 / 706 عن الترمذي في الشمائل : 25 .
[3] سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 24 .
[4] يراجع : حديث الإفك : 165 ، للعلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي .
[5] صحيح مسلم : 4 / 165 ، و الجامع لأحكام القرآن : 18 / 190 .
[6] مع المفسرين و المستشرقين في زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) بزينب بنت جحش : 104 .
[7] أسد الغابة : 5 / 426 ، و الإصابة : 4 / 273 ، و الإستيعاب بهامش الإصابة : 4 / 269 ، و مجمع الزوائد : 9 / 244 عن الطبراني .
[8] تراجع هذه النصوص في : أسد الغابة : 5 / 426 ، و مجمع الزوائد : 9 / 244 عن الطبراني و رجاله رجال الصحيح ، و الإصابة : 4 / 273 عن أبي يعلى . و راجع : سيرة مغلطاي : 48 .
[9] طبقات ابن سعد : 8 / 58 و 59 ، و مجمع الزوائد : 9 / 244 عن البزار و الطبراني ، و أسد الغابة : 5 / 425 ، و الإستيعاب بهامش الإصابة : 4 / 269 ، و تهذيب الأسماء و اللغات : 2 .
[10] يراجع : مجمع الزوائد : 9 / 244 عن الطبراني في الأوسط ، و في السند من لم يعرفهم ، و في : 245 ما يقرب من هذا النص ، و قال : إن رجاله رجال الصحيح ، و يراجع أيضاً : تاريخ الخميس : 1 / 416 / 417 ، و طبقات ابن سعد : 8 / 58 .
[11] سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 61 .
[12] سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 57 .
[13] يراجع بعض قضاياها في بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) في ترجمتها في كتاب قاموس الرجال ، و كتاب عائشة للعلامة المحقق السيد مرتضى العسكري و غيرهما .
سؤال : ما هو عدد زوجات النبي محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) و من هُنَّ ؟
جواب : إختلفت الأقوال في عدد نساء النبي محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) ، لكن المختار لدينا إعتماداً على ما رُوِيَ عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) أنَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلَّى الله عليه و آله ) تَزَوَّجَ بِخَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَة [1] ، منها ما دَخَلَ ( صلَّى الله عليه و آله ) بهنَّ من نسائه و هُنَّ :
1. خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ .
2. سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ الأسديَّة .
3. أُمُّ سَلَمَةَ و اسْمُهَا هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ المخزومية .
4. أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ التميميَّة .
5. حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بن الخطَّاب .
6. زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ بْنِ الْحَارِثِ أُمُّ الْمَسَاكِينِ .
7. زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الأسديَّة .
8. أُمُّ حَبِيبَةَ رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ .
9. مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الهِلاليَّة .
10. زَيْنَبُ بِنْتُ عُمَيْسٍ .
11. جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بن ضرار المصطلقية .
12. صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ الإسرائيليَّة النضري .
13. خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ السُّلَمِيِّ و هِيَ الَّتِي و هَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ( صلَّى الله عليه و آله ) .
و من نسائه ما لَمْ يَدْخُلْ ( صلَّى الله عليه و آله ) بها منهُنَّ و هما :
1. عَمْرَة .
2. الشَّنْبَاءُ .
وَ كَانَ لَهُ ( صلَّى الله عليه و آله ) سُرِّيَّتَانِ [2] يَقْسِمُ لَهُمَا مَعَ أَزْوَاجِهِ هما :
1. مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ .
2. رَيْحَانَةُ الْخِنْدِفِيَّةُ .
و قُبِضَ رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) عَنْ تِسْعٍ نساءٍ هُنَّ :
1. سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ الأسديَّة .
2. أُمُّ سَلَمَةَ و اسْمُهَا هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ المخزومية .
3. أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ التميميَّة .
4. حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بن الخطَّاب .
5. زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الأسديَّة .
6. أُمُّ حَبِيبَةَ رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ .
7. مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الهِلاليَّة .
8. جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بن ضرار المصطلقية .
9. صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النضري الإسرائيليَّة .
هذا و هناك أراء أخرى أعرضنا عنها لكثرتها [3] .
سؤال : هل سُمي أحدٌ قبل النبي محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) بـ " محمد " ؟
جواب : لدى مراجعة القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة و التاريخ الصحيح يظهر لنا بأن لنبيِّا محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) إسماء عديدة ، و من أشهر هذه الأسماء أحمد و محمد .
تسميته ( صلَّى الله عليه و آله ) بأحمد :
أما أحمد فهو الإسم الذي عُرف به قبل ولادته و بعثته و جاء ذكره في الإنجيل ، و إليه تُشير الآية المباركة : { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } [1] .
قال في السيرة الحلبية : و كانت أُمّه ( عليها السَّلام ) قد سمّته أحمد قبل أن يسمّيه جدّه [2] .
و سُمي نبيُّنا ( صلَّى الله عليه و آله ) بـ " أحمد " لحسن ثناء الله عليه .
تسميته ( صلَّى الله عليه و آله ) بمحمد :
أما " محمد " فقد سمَّاه به جده عبد المطَّلِب في اليوم السابع من ولادته ، و معناه كثير الخصال المحمودة ، و قيل أنه لم يُسَمَّ بهذا الإسم أحد قبل نبينا ( صلَّى الله عليه و آله ) .
و عندما سُئل عبد المطلب عن سبب إختياره هذا الأسم لهذا المولود أجاب : أردت أن يُحمَد في السماء و الاَرض [3] .
قال العلامة الطريحي : " و قد سُمِّيَ بـ " محمد " لأن الله و ملائكته و جميع أنبيائه و رسله و جميع أممهم يحمدونه و يصلون عليه " [4] .
و كان هذا الاسم نادراً ما يُعرف بين العرب و يُسمى به فلم يسم به منهم سوى ستة عشر شخصاً .
قال الشاعر :
إن الذين سُمُوا باسم محمدٍ*مِن قبلِ خير الخلقِ ضِعف ثمان [5]
و لذا فإنّ تسميته به يُعَدُّ من جملة خصائصه ( صلَّى الله عليه و آله ) [6] .
هذا و لا شكَّ أن هذا الإختيار لم يتم إلا بإلهام إلهي و إرشاد رباني ، و لابد من أن تكون في هذا الإختيار حكمة .
ذلك لأن نُدرة المصاديق لأي لفظ من الالفاظ أو اسم من الأسماء من شأنِها أن تقلّل حالات اللُبس و الاشتباه فيه .
ثم إن أسم النبي " محمد " ( صلَّى الله عليه و آله ) ذُكر في أربع مواضع من القرآن الكريم ، و هي :
1. قول الله عزَّ و جَلَّ : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ } [7] .
2. قول الله جل جلاله : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكان اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } [8] .
3. قول الله تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهو الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } [9] .
4. قوله سبحانه و تعالى : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } [10] .
سؤال : ما هو عدد أبناء الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) و بناته ؟
جواب : لا خلاف بين المؤرخين في أن الله عزَّ و جل رزق الرسول المصطفى ( صلَّى الله عليه و آله ) أولاداً ذكوراً و إناثاً ، لكن إختلفت أقوال المحدثين و المؤرخين في عدد أولاده ( صلَّى الله عليه و آله ) ، فمنهم من عدَّهم ستاً و منهم من عدَّهم سبعاً .
فقد ذكر العلامة إبن شهر آشوب أن مجموع أولاد النبي ( صلى الله عليه وآله ) من الذكور و الإناث سبعة .
أما الذكور فهم : القاسم و عبد الله ـ و هما الطاهر و الطيب ـ و أمهما السيدة خديجة الكبرى ، و إبراهيم ، و أمه السيدة مارية القبطية .
و أما الإناث فهن : زينب و رقية و أم كلثوم ـ و هي آمنة ـ و فاطمة ، و كلهن من السيدة خديجة .
و يظهر من كلامه أنه لم يولد للنبي من زوجاته غير ما ذكر ، و لا عقب للنبي إلا من وُلد فاطمة [1] .
و قال المحَدِّث الكليني ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) : ... وَ تَزَوَّجَ خَدِيجَةَ وَ هُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ ( عليه السَّلام ) الْقَاسِمُ وَ رُقَيَّةُ وَ زَيْنَبُ وَ أُمُّ كُلْثُومٍ وَ وُلِدَ لَهُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ الطَّيِّبُ وَ الطَّاهِرُ وَ فَاطِمَةُ ( عليها السَّلام ) .
ثم قال وَ رُوِيَ أَيْضاً أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ بَعْدَ الْمَبْعَثِ إِلَّا فَاطِمَةُ ( عليها السَّلام ) وَ أَنَّ الطَّيِّبَ وَ الطَّاهِرَ وُلِدَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ [2] .
وَ قَالَ الإمام عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) : " وَ لَمْ يُولَدْ لِرَسُولِ اللَّهِ ( صلَّى الله عليه و آله ) مِنْ خَدِيجَةَ ( عليها السَّلام ) عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا فَاطِمَةُ ( عليها السَّلام ) " [3] .
و قال العلامة السيد هاشم معروف الحسني ( رحمه الله ) : لقد أنجبت السيدة خديجة الكبرى للنبي ( صلَّى الله عليه و آله ) من الذكور إثنين ، القاسم و به كان يُكَنَّى ، عبد الله الملقب بالطاهر و الطيب ، و قيل أن الطاهر و الطيب ولدان من أولادهما ماتا صغيرين ، و المشهور بين المؤرخين و المحدثين أنها لم تلد له من الذكور سوى القاسم و عبد الله كما ذكرنا ، و عاش القاسم نحوا من سنتين ، و قيل أكثر من ذلك ، و أنجبت له من البنات كما هو المشهور بين الرواة و المؤرخين أربعاً ، و هن زينب و رقية و أم كلثوم و الزهراء ، و قيل أنها لم تلد له سوى زينب و الزهراء ، أما رقية و أم كلثوم فمن صنع الوضَّاعين أضافوهما إلى بناته و زوجوهما لعثمان بن عفان على التوالي ليكون الكفوء الكريم عند الرسول لبناته كغيره ممن صاهروه و لقبوه بذي النورين لمناسبة زواجه من بنتيه ، و ليس ذلك ببعيد .
و قيل أنها قد أولدت له ثلاثاً زينب و رقية و الزهراء ، و القول الأول هو الشائع و المشهور عند المحدثين و المؤرخين .
ثم أضاف قائلاً : و لا يهمنا تحقيق هذه الناحية في حين أني اُرجِّح القول الأخير ، و قد أضاف الوضاعون إلى بناته الثلاثة أم كلثوم و زوجوها لعثمان بعد اختها رقية ليكون ذا النورين أو لغير ذلك من الأسباب التي ترفع من شأنه بنظر الوضاعين [4] .